ورقة عمل بعنوان ” مذكرة قانونية حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا “
بمناسبة انعقاد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية
من إعداد مؤسسة المجلس العربي
ومنظمة العدالة من أجل السلام
جنيف/اسطنبول 2 مايو 2023
- أضحى استخدام الأسلحة الكيميائية ومع تفاقم حدة النزاع السوري _ سمة بارزة كسلاح عقاب جماعي وأداة للترهيب والتغيير الديموغرافي بيد النظام السوري دون رادع فهي تشير بوضوح إلى ساديّة مفرطة منقطعة النظير في الإجرام الدولي في القرن الواحد والعشرين نتيجة آثارها المدمرة على الحرث والنسل في ظل صمت رهيب وتواطؤ دولي مخزٍ على مدار عقد ونيف من الزمن.
- لقد استخدمت قوات النظام السوري الأسلحة الكيميائية في المواجهات الدامية بمختلف مناطق الجغرافية السورية ولا سيّما مناطق الغوطة الشرقية بريف دمشق وأرياف حماة وإدلب ضد السكان المدنيين وقوات الثورة والمعارضة مرات عديدة أبرزها الهجوم الخطير الواقع على غوطة دمشق بتاريخ 21 آب/أغسطس 2013، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى إرسال بعثة تحقيق دولية مهمتها كأداة للتحقيق في قضايا استخدام الأسلحة الكيميائية والتي يمكن أن تشكل انتهاكا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وبروتوكول جنيف لعام 1925.
- تمكنت لجنة التحقيق من الوصول إلى أماكن الاستهداف ولا سيّما معضمية الشام وعين ترما وزملكا في الغوطة الشرقية في ريف دمشق وقد أثبتت اللجنة استخدام الأسلحة الكيميائية على مستوى واسع النطاق نسبيا،حيث وصف تقرير لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة في شهر أيلول 2013، الهجوم على الغوطة بالجريمة الخطيرة وانتهت تحقيقات البعثة إلى استخدام غاز السارين حيث نُفذ الهجوم بواسطة صواريخ أرض _ أرض. بيد إنّ تفويض البعثة كان قاصرا على اثبات تنفيذ الهجوم من عدمه فقط ولم تكن مفوضة بتحديد هوية مرتكبي الجرم، الأمر الذي دفع مجلس الأمن إلى إدانة استخدام هذه الأسلحة بموجب القرار رقم 2118، تاريخ 27/سبتمبر 2013.
- وفي شهر نيسان/أبريل 2014، أحدثت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعثة تقصي الحقائق FFM حيث كانت مهمتها مشابهة لمهمة البعثة المشكلة من قبل الأمم المتحدة والتي تنحصر بإثبات أو نفي استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا دون صلاحية تحديد هوية المسؤول عن الهجوم ،وجدير ذكره بأنّ البعثة أصدرت قرابة 19 تقريرا حتى تاريخه شملت عشرات الهجمات الكيميائية أثبتت البعثة من خلال تقاريرها استخدام الأسلحة الكيميائية ولا سيّما الكلور والخردل.
- أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2235 وفي أغسطس 2015، والقاضي بإنشاء “آلية التحقيق المشتركة للأمم المتحدة” (JIM) وطلب المجلس من الأمين العام تشكيل لجنة آلية التحقيق بالتنسيق مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وذلك بهدف تلافي القصور ونقص التفويضات الممنوحة للبعثات واللجان السابقة وتحديد “الأفراد والهيئات والجماعات أو الحكومات المشاركة في استخدام المواد الكيميائية كأسلحة بما في ذلك الكلور أو أية مادة كيميائية سامة أخرى في سوريا.” كما نص القرار 2235، المومأ إليه على إعادة تأكيده على ما ورد في القرار رقم 2118/2013، والقرار 2209/2015.
- آلية التحقيق المشتركة باشرت أعمال التحقيق والتقصي ومُددت ولايتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2319/2016، وجدير ذكره بأنّها حققت في عدة هجمات كيميائية من أصل عشرات الحوادث التي تم الإبلاغ عنها وأصدرت 7 تقارير خلال فترة ولايتها بين عامي 2015 و2017، حيث أسندت آلية التحقيق المومأ إليها تنفيذ الهجوم واتهمت النظام السوري وأثبتت مسؤوليته عن استخدام الأسلحة الكيميائية في عدة مواقع بسوريا حيث أشار التقرير الثالث والرابع الصادرين عن الآلية عام 2016، بصراحة إلى مسؤولية النظام السوري عن استخدام الكلور في عدة مواقع ولا سيّما هجوم تلمنس عام 2014، وهجوم سرمين عام 2015، في مدينة إدلب. كما حقق خبراء الآلية في الهجوم الكيميائي على مدينة خان شيخون بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2017، حيث أثبتوا الهجوم وحددوا المسؤولية. وخلصت أعمال التحقيق إلى أنّ النظام السوري هو المسؤول عن استخدام غاز السارين كسلاح كيميائي في خان شيخون، الأمر الذي دفع روسيا إلى استخدام حق النقض (الفيتو) واحباط تجديد التفويض لعمل الآلية مرة أخرى وبناء عليه انتهاء ولايتها في العام 2017.
- مبادرة الشراكة الدولية والتي أطلقتها فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي على إثر الهجوم الكيميائي على مدينة دوما في غوطة دمشق بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2018، تنجح في تبني قرار بأغلبية الثلثين خلال الجلسة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والذي بموجبه تم إنشاء فريق التحقيق وتحديد الهوية IIT والذي يعمل تحت سلطة المدير العام للمنظمة مهمته تحديد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية. وجدير ذكره بأنّ فريق التحقيق قد انتقى واختار عدة قضايا للتحقيق أنهى العمل في بعض منها فيما لا تزال التحقيقات جارية بقضايا متعلقة بذات الموضوع. وبعد التحقيق والتقصي أثبت فريق التحقيق وتحديد الهوية IIT مسؤولية النظام السوري عن الهجمات بالأسلحة الكيميائية حيث أصدر تقريره الأول بتاريخ 8 نيسان/أبريل 2020، والمتعلق بالهجوم الكيميائي على بلدة اللطامنة في محافظة حماة الواقع في شهر آذار/مارس 2017. وخلصت نتائج التقرير إلى أنّ الهجوم نُفذ بواسطة سلاح الجو التابع للنظام السوري من قاعدتي الشعيرات ومطار حماة، كما خلص التقرير إلى أنّ مثل هذا الهجوم ذو الطبيعة الاستراتيجية لا يمكن حدوثه إلّا بناء على أوامر السلطة العليا في القيادة العسكرية للنظام السوري ولا يمكن نفي مسؤولية القيادة عن هكذا هجوم، في حين تركز التقرير الثاني الصادر بتاريخ 12 نيسان/أبريل 2021، على الهجوم الكيميائي الواقع على مدينة سراقب في محافظة إدلب شهر شباط/فبراير 2018، حيث أثبت التقرير مسؤولية النظام السوري وتم تنفيذ الهجوم بواسطة سلاح الجو والطيران التابع للنظام السوري أيضا. كما أصدر فريق التحقيق وتحديد الهوية تقريره الثالث بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 2023، والذي تركز على الهجوم الكيميائي الواقع على مدينة دوما بغوطة دمشق بتاريخ 7 نيسان/أبريل 2018، حيث انتهت التحقيقات إلى مسؤولية النظام السوري عن الهجوم والذي نُفذ بواسطة طائرة هليكوبتر والتي أسقطت أسطوانتين تحويان غاز الكلور السام على مناطق مأهولة بالمدنيين ، وتوصل فريق التحقيق من خلال البحث والتقصي لنتائج ومعلومات وصفت بالسرية غير قابلة للنشر أو التداول خارج منظمة الحظر ومجلس الأمن، غالبا ما تتضمن قوائم اسمية بالمسؤولين عن إصدار الأوامر وأخرى تتعلق بالشهود وقد تشمل المعلومات مسؤولية وتورط روسيا في مثل تلك الهجمات.
- القرارات والتقارير الدولية الواضحة والصريحة في إدانة النظام السوري باستخدام هذه الأسلحة المحرمة والمحظورة دوليا لم تردع أقدم النظام السوري على استخدام السلاح الكيميائي ما يقارب (300) ثلاثمائة مرة، منها حوالي (166) مائة وستة وستون هدفا مدنيا في مختلف المحافظات السورية والتي راح ضحيتها بشكل خاص أكثر من (2000) ألفي مدني تم توثيقهم في تقارير مفصلة أبرزها تقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة والشبكة السورية لحقوق الإنسان وغيرها كالدفاع المدني أيضا.
- إنَّ تلك الهجمات تعد :
- انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية والتي صادقت عليها سوريا عام 2013، في أعقاب هجوم سابق بغاز السارين على الغوطة الشرقية.” وبالتالي باتت الجمهورية العربية السورية طرفا في المعاهدة التي تحرم تلك الأسلحة، وجدير ذكره بأنّ سوريا طرفا في بروتوكول جنيف لعام 1925، الذي يحظر مثل تلك الأسلحة أيضا.
- وحيث إنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية مجرم ومحظور بموجب قواعد القانون الدولي العرفي بغض النظر عن وجود أهداف عسكرية حقيقية بما في ذلك استخدام هذه الأسلحة ضد المقاتلين الأعداء وذلك بالنظر إلى مدى تأثيرها السلبي على الإنسان والبيئة، وبذلك لا يتسنى لهم التذرع بوجود أهداف عسكرية إذ أنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية محظور حتى ضد الأهداف العسكرية ولا يقتصر الحظر على الأهداف المدنية نظراً لخطورة هذه الأسلحة وآثارها المدمرة للحرث والنسل والاجماع العالمي حول تحريمها.
- وبالتالي فإنَّ استخدام مثل هذه الأسلحة يعد :
- جريمة حرب استنادا للمادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولا سيّما البندين /17/و/18/ منها، كما يعد جريمة حرب استنادا لأحكام القانون الدولي العرفي والذي حظر هذه الأسلحة كما يمكن أن يرقى إلى جريمة إبادة جماعية الأمر الذي يستوجب معه إحالة المجرمين الدوليين إلى محكمة جنائية دولية.
- الإسناد وترتيب المسؤوليات فإنّنا نقتبس من التعليق الذي أدلى به منسق فريق التحقيق “سانتياغو أوناتيلابورد” والذي مؤداه: ” صحيح أنّ تفويض السلطة ممكنا بيد أنَّ تفويض المسؤولية غير ممكن” إنَّ هجمات من هذا النوع وهذه الطبيعة الاستراتيجية لا يمكن أن تشن دون أوامر من السلطات العليا للقيادة العسكرية في الجمهورية العربية السورية.
- قد قامت شروط المسؤولية الجنائية من ارتكاب للفعل المحظور والإخلال بالالتزامات الدولية ومن قيام العلاقة بين مرتكب الفعل غير المشروع وبين الفاعل أي إسناد الفعل لفاعله طبقا لما سبق بيانه.
- المسؤول عن الالتزامات الدولية والإخلال بها هم ممثلي الدولة كأشخاص طبيعيين لأنّه وطبقا لما يتبناه الفقه الدولي الحديث ولما تتبناه محكمة العدل الدولية “لا يمكن للدولة أن تحمل المسؤولية إلّا بواسطة أعضائها وممثليها”، وحيث إنّ ارتكاب الأفعال المحظورة يولّد مسؤولية جنائية فردية توجب العقوبة الجنائية على الفرد “ممثل الدولة” كشخص طبيعي ويولّد مسؤولية مدنية تعويضية على الدولة كشخص معنوي.
- مسؤولية الفرد يمكن أن تتعدى ليصبح مسؤولا عن تصرفات أعضاء آخرين في العمل الإجرامي المشترك وبالتالي يعد مسؤولا عن تصرفات من يستخدمهم في إطار تعزيز الهدف الإجرامي العام طبقا للسوابق القضائية الدولية لمحكمة يوغسلافيا السابقة.
- المسؤولية الجنائية طبقا للمحكمة الجنائية الدولية تشمل الرؤساء والمرؤوسين وهي لا تقتصر على المنفذ الفعلي للجريمة بل تشمل كل من يتحكم أو كان العقل المدبر لارتكاب الجريمة كما تشمل كل من قدم مساعدة عملية أو تشجيعا او دعما معنويا للجاني.
- المسؤولية الجنائية المفترضة بحق الرئيس والقائد “ممثل الدولة” حتى لو لم يصدر الأمر بارتكاب الجرم لأنّ المرؤوسين خاضعين لسلطته وسيطرته الفعلية وبالتالي تقوم مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع وذلك طبقا لأحكام المادة 25 والمادة 28 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تأسيسا على مبدأ العلم أو العلم المفترض بوقوع أو وشك وقوع أفعال إجرامية حتى لو لم يصدر الأوامر بارتكاب تلك الأفعال المحظورة، وحيث إنّه تقوم مسؤولية الرئيس متى كانت له سيطرة فعلية على أجهزة الدولة وعلى المساهمين في المشروع الإجرامي وذلك طبقا لما أقرته المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة بمناسبة محاكمة الرئيس الصربي “سلوفودان مسلوسوفيتش”.وحيث إنّه لا عبرة للحصانات الممنوحة بموجب القوانين الوطنية في مواجهة الإخلال بالالتزامات الدولية وارتكاب الجرائم الدولية طبقا لمبادئ محكمة نورنبرغ المعتمدة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 95/د_1 لعام 1946. وطبقا لأحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والسوابق القضائية.وحيث إنّ القائد العام للجيش والقوات المسلحة في الجمهورية العربية السورية حسب التراتبية العسكرية هو رئيس النظام بشار الأسد طبقا لأحكام الدستور السوري. وحيث إنّ “استخدام الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين طبقا لواقع الحال وطبقا لما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 تاريخ 27/سبتمبر 2013، والذي جاء فيه أيضا بأنَّ الدول الأعضاء ملزمة بموجب المادة /25/ من ميثاق الأمم المتحدة بقبول قرارات المجلس وتنفيذها.” وحيث دعا القرار إلى محاسبة الأفراد المسؤولين عن استخدامها وهدد بفرض تدابير بموجب الفصل السابع في حال تكرار استخدام مثل تلك الأسلحة. وحيث إنّ روسيا طرفا في النزاع السوري طبقا لواقع الحال وبالتالي فإنّه لا يعتد بتصويتها في مجلس الأمن الدولي طبقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ولا سيّما المادة 27 منه، وحيث أجهضت روسيا جميع المحاولات الرامية لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإنّ مجلس الأمن الدولي معطل وغير قادر على التصدي للإخلال بالسلم والأمن الدوليين في الحالة السورية ولم يتمكن من تحقيق مقاصد الأمم المتحدة.
- وحيث إنّ مجلس الأمن الدولي وكيل ونائب وليس صاحب اختصاص أصيل في تحقيق مقاصد ميثاق الأمم المتحدة طبقا لما يُفهم من الميثاق ولا سيّما المواد 1 و2 وطبقا لمنطوق المادة 24 منه والتي جاء فيها الفقرة 1-” رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة سريعاً وفعالاً يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدولي ويوافقون على أنَّ هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات”.
- وحيث إنَّ السلطات الاستثنائية والوظائف الممنوحة بموجب الميثاق لمجلس الأمن الدولي هي معطاة بغاية تحقيق الواجبات المتمثلة بمقاصد الهيئة ولا سيّما حفظ الأمن والسلم الدوليين ويُفهم قانوناً من ذلك ووفقاً لمفهوم المخالفة أنَّه في حال عدم قيام المجلس بواجباته تنتفي الغاية من منح هذه السلطات الاستثنائية لأنَّ هذه السلطات هي سلطات تمكين بغاية لازمة لتنفيذ مقاصد الأمم المتحدة، كما أنَّها بمثابة سلطات الوكيل فهو نائب عن أعضاء الأمم المتحدة وعليه التزام يُفترض أن يكون التزاماً بغاية وليس التزاماً بعناية ومؤدى هذه الغاية هو العمل على تنفيذ مقاصد ومبادئ الأمم المتحدة بسرعة وفعالية دون تأخير أو تسويف وهذه المقاصد معلومة وفق أحكام المادة الأولى والثانية من الميثاق. وحيث إنَّه من الثابت يقيناً ومعلوماً للكافة بأنَّ مجلس الأمن الدولي قد فشل في تحقيق مهمته الموكلة له ولم يستطع تحقيق واجباته طبقاً للميثاق ووفقاً لمقاصد الأمم المتحدة فيما يخص الحالة السورية وهي حفظ الأمن والسلم الدوليين وقمع الجرائم الدولية. وبالخلاصة من المفترض قانوناً أنَّ الفشل في تحقيق هذه المقاصد وعدم تنفيذ مجلس الأمن للالتزامات المُناطة به والموكلة إليه وعجزه عن القيام بمهامه كنائب يترتب على ذلك –واستناداً للميثاق وللمبادئ العامة ولا سيّما أحكام نظرية الحلول في القانون العام وقواعده التي أقرتها الأمم المتمدنة -انقضاء الوكالة والعهدة وإيقاف عمله كنائب فيما يتعلق بالحالة السورية وانتقال الصلاحيات لمن قام بالتوكيل ومنح التفويض.
- بمعنى انتقالها لصاحب الاختصاص الأصيل وهو ” الجمعية العامة ” وذلك بوصفها أعلى هيئة دولية معنية بالأمن والسلم الدوليين وتمثل القيم الإنسانية العليا للعالم المتمدن، وقد تم الإشارة إلى الاختصاص الأصيل للجمعية العامة فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين بالنص صراحة بموجب أحكام الميثاق، وجدير ذكره بأنَّ المبادئ العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة تعتبر مصدراً من مصادر القانون الدولي طبقاً لأحكام المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
- بناء على ما سبق فإنّه يتوجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تتصدى للحالة السورية وتحل محل مجلس الأمن الدولي طبقا لأحكام نظرية الحلول في القانون العام وممارسة اختصاصها الأصيل في تحقيق المقاصد طبقا لأحكام الميثاق وتجاوز عقبة مجلس الأمن استنادا لأحكام الميثاق والسابقة الدولية فيما يعرف بقرار “متحدون من أجل السلم” رقم 377 (د_5) تاريخ 3/نوفمبر لعام 1950، والذي بمقتضاه يجوز للجمعية العامة أن تعقد “دورة استثنائية طارئة” في غضون 24 ساعة
- إذا لم يتمكن مجلس الأمن من التصرف ومباشرة مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدولي فيما يخص أية حالة يظهر فيها تهديد للسلم أو إخلال بالسلم أو وقوع عمل من أعمال العدوان بسبب عدم إجماع أعضائه الدائمين وتصويت سلبي “فيتو” من جانب عضو دائم، حيث يمكن للجمعية العامة أن تنظر في المسألة على الفور من أجل إصدار توصيات إلى الأعضاء واتخاذ تدابير جماعية بما فيها استخدام القوة العسكرية في حالة الإخلال بالسلم أو قمع عمل من أعمال العدوان وذلك لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه وتنعقد مثل هذه الدورة الاستثنائية بناء على طلب أية سبع أعضاء في مجلس الأمن أو أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
- وخلاصة الأمر من الجائز قانونا على وجه العموم للجمعية العامة الحلول محل مجلس الأمن وممارسة صلاحياته في كل حالة تهدد السلم والأمن الدولي أو تخل به في حال عجز المجلس عن التصدي لها.
- وعليه فإنّ الحالة السورية على وجه الخصوص تدخل في نطاق صلاحيات الجمعية العامة وبالتالي يجب العمل على دعوة الجمعية العامة للانعقاد في جلسة طارئة لبحث الملف السوري وبشكل خاص ملف الجرائم الدولية المرتكبة بحق الشعب السوري ومنها ملف استخدام الأسلحة الكيميائية وذلك في ضوء السابقة الدولية “متحدون من أجل السلام” المومأ إليها أعلاه وإحالة الملف للمحكمة الجنائية الدولية والعمل على استصدار مذكرة توقيف جنائية بحق رئيس النظام السوري “بشار الأسد” أسوة بمذكرة التوقيف الجنائية الصادرة بحق الرئيس الروسي “بوتين” بمناسبة الجرائم المرتكبة في أوكرانيا واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لحماية الشعب السوري وتمكينه من تقرير مصيره المكفول بموجب المواثيق الدولية.
منظمة العدالة من أجل السلام / اسطنبول
مؤسسة المجلس العربي / جنيف